قالوا: لما ظفر المهلّب بن أبى صفرة بالخوارج، وجّه كعب بن معدان الى الحجّاج، فسأله عن بنى المهلّب، فقال: المغيرة فارسهم وسيّدهم، وكفى بيزيد فارسا شجاعا، وجوادهم وشيخهم: قبيصة، ولا يستحيى الشجاع أن يفرّ من مدرك، وعبد الملك: سمّ ناقع، وحبيب: موت زعاف، ومحمد: ليث غاب، وكفاك بالمفضّل نجدة، قال: فكيف خلّفت جماعة الناس؟ قال: خلّفتهم بخير، قد أدركوا ما أملوا، وأمنوا ما خافوا، قال: فكيف كان بنو المهلّب فيهم؟ قال:
كانوا حماة السّرح نهارا، فاذا أليلوا ففرسان البيات، قال: فأيّهم كان أنجد؟ قال:
كانوا كالحلقة المفرغة، لا يدرى أين طرفها، قال: فكيف كنتم أنتم وعدوّكم؟
قال: كنّا اذا أخذنا، عفونا، واذا اجتهدوا، اجتهدنا فيهم، فقال الحجّاج:(إنّ العاقبة للمتّقين) .
وقالوا: أشجع بيت قالته العرب قول العباس بن مرداس السلمىّ
أشدّ على الكتيبة لا أبالى ... أحتفى كان فيها أم سواها؟
وقد مدح الشعراء الشجاعة وأهلها، وأوسعوا في ذلك، فمن ذلك قول المتنبّى
شجاع كأنّ الحرب عاشقة له ... اذا زارها فدّته بالخيل والرّجل
وقال أيضا
وكم رجال بلا أرض لكثرتهم ... تركت جمعهم أرضا بلا رجل
ما زال طرفك يجرى في دمائهم ... حتى مشى بك مشى الشارب الثمل
وقال العماد الإصفهانىّ
قوم إذا لبسوا الحديد الى الوغى ... لبس الحداد عدوّهم في المهرب
المصدرون الدّهم عن ورد الوغى ... شقرا تجلّل بالعجاج الأشهب