وفى سنة أربع وخمسين وستماية وصل التتار إلى بلاد الروم صحبة جرماغون وبيجو من قبل منكوفان الملك. فخرج السلطان غياث الدين لقتالهم بجميع عساكره، واستصحب حريمه ليقاتل قتال الحريم. واستشار أصحابه فيما يفعل، فكان منهم من هول عليه أمر التتار وكان غياث الدين قد زوجه والده بكرجى خاتون ابنة ملك الكرج. فلما أفضت السلطنة إليه جعل أخاها مقدما على الجيش، وكان نصرانيا، لم ينتقل عن ملته، فكرهه الأمراء وكرهوا السلطان بسببه. فلما كان فى هذا الوقت قال للسلطان غياث الدين:«ضم إلى من فى عسكرك من الكرج والفرنج، وأنا ألقى التتار بهم» . فغاظ الأمراء كلامه، وتقدم أحد أعيانهم فحلف أنه لا بد أن يلقى التتار بنفسه، ومن صحبه، وركب فى نحو عشرين ألف فارس، وتقدم إلى التتار وهم بصحراء اقشهر زنجان، وكان غياث الدين على الجبل الأقرع واسمه كوسا داغ، وهو مشرف على الوطأة التى نزل بها التتار. وسار الأمير فيمن معه، وتبعه السلطان ببقية الجيش فوجد المقدم أمامه واد قطعه السيل، فلم يستطع قطعه إلى جهة التتار، فسار مع لحف لجبل، يطلب طريقا يمكنه التوصل منه إلى التتار. فركب التتار وقصدوه ودنوا منه وراسلوه بالسهام، فأهلكوا أكثر الخيل التى معه، فكان السهم لا يقع إلا فى فرس أو فارس، فتفرقوا عند ذلك، وطلبوا النجاة لأنفسهم. وعاد السلطان غياث الدين إلى المخيم. وجهز حريمه إلى قونية، وهى دار المملكة، ومسافتها من المكان الذى هو فيه نحو شهر، فسرن صحبة أمير، ولم يحملن معهن إلا ماخف، ورجع