فأقام عنده إلى سنة اثنتين وستين وستماية، فقصد الأمراء الذين كانوا معه وهم عز الدين أمير آخر، وعلى بهادر، وأمير مجلس، أن يثبوا على الأشكرى فيقتلوه، وأعلموا صاحبهم عز الدين بذلك.
وقالوا له:«اكتمه عن خاليك» فلم يكتمه عنهما، وأعلمهما به، وأمرهما أن يعرفا الأشكرى بذلك، وأنه لا يركب فى اليوم الذى قصد الأمراء الفتك به فيه. فعرفاه، فقبض على الأمراء وكحلهم، وقبض على السلطان عز الدين واعتقله بقلعة من القلاع الغربية، فأقام بها إلى سنة ثمان وستين وستماية. وجمع الأشكرى أصحاب الأمراء وأتباعهم، وعرض عليهم الدخول فى دينه. فمن وافق تركه، ومن أبى كحله. فمنهم من وافق وتنصّر، ومنهم من امتنع فكحل، وعرض على رجل منهم أن يتنصر فصاح وقال:«الجنة معدة للإسلام، والنار معدة لكم» فقال: هذا رجل ثابت على دينه وأطلقه، وكتب له ورقة للطريق.
وفى سنة ثمان وستين وستماية خلص السلطان عز الدين وأهله من الاعتقال، وسبب ذلك أن منكوتمر بن طغان جهز عسكر إلى اسطنبول، فأغاروا عليها، وأخذوا عز الدين من القلعة التى كان بها، وأحضروه إلى منكوتمر، فأكرمه وأحسن إليه وأقام ببلاده قرم، وتزوج بها، واستمر إلى أن توفى فى سنة سبع وسبعين وستماية.