شهر رمضان من السنة. وأقطع جاولى الرحبة وسيره إليها، وولى نصير الدين دزداريّة قلعة الموصل وجعل إليه سائر دزدارية القلاع، وجعل صلاح الدين محمد أمير حاجب، وبهاء الدين على الشهرزورى قاضى القضاة بجميع بلاده، وزاده إقطاعا وأملاكا، وكان لا يصدر إلا عن رأيه.
فلما فرغ من أمر الموصل سار عنها إلى جزيرة ابن عمرو بها مماليك البرسقى، فامتنعوا عليه فحصرهم وراسلهم، وبذل لهم البذول الكثيرة على التسليم، فلم يجيبوه إلى ذلك فجد فى قتالهم. «١»
وكان بينه وبين البلد دجلة، فأمر الناس بإلقاء أنفسهم فى الماء، ففعلوا وعبروا سباحة وعبر بعضهم فى السفن والأكلاك، وتكاثروا على أهل الجزيرة. وكانوا قد خرجوا إلى أرض بين الجزيرة ودجلة، تعرف بالزلاقة، ليمنعوا عسكر عماد الدين، فلما رأوه قد عبر دجلة انهزموا ودخلوا البلد، وأرسلوا فى طلب الأمان، فأمنهم ودخل البلد بعسكره. ثم زادت دجلة فى تلك الليلة زيادة عظيمة لحقت سور البلد، وصارت الزلاقة مملوءة بالماء، فلو أقام بها عماد الدين تلك الليلة هلك هو وعسكره ولم يسلم منهم أحد، فأيقن الناس بسعادته.
ثم سار عن الجزيرة إلى نصيبين، وكانت لحسام الدين تمرتاش ابن إيلغازى صاحب ماردين، فلما نازلها سار حسام الدين إلى ابن عمه ركن الدولة داود بن سقمان بن أرتق صاحب حصن كيفا