ولما فرع عماد الدين من بعلبك سار إلى دمشق فى شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وخمسماية ونزل على داريا «١» ، فقاتله أهل دمشق فكسرهم وتقدم إلى المصلى «٢» فقاتلوه مرة بعد أخرى.
كل ذلك والظفر له عليهم. وأرسل إلى صاحب دمشق يبذل له بعلبك وحمص وغيرها مما يختاره من البلاد، فمال إلى تسليمها، فحذره أصحابه وخوفوه عاقبة غدره، فامتنع من الإجابة فعاد عماد الدين القتال والزحف. واتفقت وفاة جمال الدين صاحب دمشق فى ثامن شعبان، وولى بعده ابنه مجير الدين أبق، فاشتد طمع عماد الدين وزحف زحفا شديدا، فلما رأى أنابك [أنر]«٣» أن عماد الدين لا يندفع عنهم، راسل الفرنج واستنصر بهم، فاجتمعت الفرنج وعزموا على المسير لدفعه عن دمشق، فعلم عماد الدين بذلك فتوجه إلى حوران فى خامس «٤» عشر رمضان عازما على لقاء الفرنج قبل أن يجتمعوا مع الدماشقة. فلما بلغ الفرنج خبره لم يتحركوا من بلادهم، فعاد إلى حصار دمشق ونزل بعذرا «٥» شماليها فى سادس شوال، وأحرق عدة من قرى المرج والغوطة، ورحل إلى بلاده.
ثم وصل الفرنج إلى دمشق، وكان معين الدين قد بذل لهم أنه يحاصر بانياس ويسلمها إليهم، وكانت فى طاعة زنكى. ففعل