«ما أنت فى هذا المقام» فقال أتابك زنكى: «دعه فو الله إنى أرى وجهه لا يتخلف عنى.»
وسار والعسكر معه فوصل إلى الرها، فكان عماد الدين أول من حمل على الفرنج والصبى معه، وحمل فارس من الفرنج على زنكى عرضا فاعترضه ذلك الأمير فطعنه فقتله، وسلم زنكى.
ونازل البلد وقاتل عليه ثمانية وعشرين يوما وملكه عنوة، وملك القلعة، ونهب الناس الأموال، وقتلوا الرجال، وسبوا الذرية والنساء.
فلما رأى عماد الدين البلد أعجبه ورأى أن تخريب مثله لا يجوز فى السياسة، فنودى بالعسكر برد ما أخذوه من الرجال والنساء والأطفال إلى بيوتهم، ورد ما غنموه من أثاثهم وأمتعتهم، فردوا ذلك وعاد البلد إلى حالته الأولى، وجعل فيه عسكرا يحفظه وتسلم مدينة سروج وسائر الأماكن التى كانت بيد الفرنج شرقى الفرات ما عدا البيرة لحصانتها.
وحكى ابن الأثير رحمه الله فى تاريخه الكامل قال: حكى لى بعض العلماء بالأنساب والتواريخ، قال: كان صاحب صقلية قد أرسل سرية إلى طرابلس الغرب وتلك الأعمال فنهبوا وقتلوا. وكان عند صاحب صقلية رجل مسلم كان يكرمه ويحترمه، ويرجع إلى قوله، ويقدمه على من عنده من القسوس والرهبان، حتى كان أهل ولايته يقولون إنه مسلم بهذا السبب. ففى بعض الأيام كان جالسا فى منظرة يشرف على البحر، وإذا بموكب لطيف قد أقبل وأخبر من فيه أن عسكره دخلوا بلاد الإسلام وظفروا وغنموا وقتلوا. وكان المسلم