وضمنا له فتح البلاد، وقالا له:«إن أتابك زنكى إنما كان الناس يطيعونه لأنه كان نائبك» فقبل منهما ذلك وظن صدقهما ومناصحتهما وقربهما، وأرسلا إلى زين الدين على بن مظفر الدين صاحب اربل بالموصل يعرفانه «١» بوفاة الشهيد ويأمرانه «٢» أن يرسل إلى ابنه سيف الدين غازى ليحضر إلى الموصل، وكان بشهرزور وهى إقطاعه من قبل أبيه، ففعل ذلك ووصل إلى الموصل. وأشار جمال الدين على الملك بإرسال الحاجب صلاح الدين إلى حلب ليدبر أمر نور الدين فأمره بالمسير إليها فسار، وكانت حماه إقطاعه، وانفرد جمال الدين الملك ألب أرسلان فقصد به الرقة، واشتغل بالشرب واللهو واستمال جمال الدين العسكر، وحلفهم لسيف الدين غازى، وصار يأمر من تخلف بالمسير إلى الموصل هاربا من الملك، وبقى جمال الدين يسير بالملك من الرقة إلى سنجار، ويخذله ويطعمه، وما زال حتى انتهى به إلى الموصل. وأرسل الأمير عز الدين الدبيسى إلى الملك فى عسكر، والملك فى نفر يسير، فأخذه وأدخله الموصل، فكان آخر العهد به. فاستقر أمر سيف الدين بالموصل واستوزر جمال الدين وأرسل إلى السلطان مسعود فى إمرة الموصل فأمره على البلاد، وأرسل له الخلع. وكان سيف الدين قد تقدمت له خدمة على السلطان مسعود ولازمه سفرا وحضرا فى أيام زنكى.
قال: ولما استتب الأمر لسيف الدين غازى بالموصل عبر إلى الشام لينظر فى أمور البلاد، ويقرر قاعدة بينه وبين أخيه نور الدين،