فكانت الهزيمة على المسلمين، وقتل كثير منهم. وأسر سلحدار نور الدين فيمن أسر، فأخذ جوستكين سلاحه، وأرسله إلى الملك مسعود قلج صاحب الروم، وقال:«هذا سلاح زوج ابنتك وسآتيك بعده بما هو أعظم منه» فأهم نور الدين ذلك وعظم عليه، وعلم أنه لا يتمكن من جوستكين فى حرب، لأنه إما أن يحارب أو يحتمى بحصونه. فجعل عليه العيون من التركمان، ووعدهم إن أسروه وأتوا به أو برأسه بمواعيد كثيرة. فرصدوه إلى أن خرج إلى الصيد، وأسروه فصالحهم على مال يؤديه إليهم، فسير فى إحضار المال إليهم فجاء بعضهم إلى أبى بكر بن الداية، نائب نور الدين بحلب، وأخبره بالقضية. فسير عسكرا مع من حضر إليه بالخبر، وكبس التركمان وأخذوا جوستكين أسيرا. وكان من أعظم الفتوحات:
وأصيبت النصرانية كافة بأسرها «١» ولما أسر سار نور الدين إلى قلاعه فملكها، وهى تل باشر وعين تاب وإعزاز وتل خالد وقورس والراوندان وبرج الرصاص وحصن البادة وكفر سود، وكفر لاثا، ودلوك، ومرعش، ونهر الجوز، وغير ذلك من أعماله فى مدة يسيرة. واجتمع الفرنج فى سنة سبع وأربعين، وحشدت الفارس والراجل وساروا نحو نور الدين وهو بدلوك، فلما قربوا منه رجع إليهم واقتتلوا قتالا شديدا كان الظفر له وقتل وأسر منهم. وعاد إلى دلوك فملكها. وكان نور الدين إذا فتح حصنا من هذه الحصون شحنه بما يحتاج إليه من الرجال والسلاح والذخائر وغيرها.