ولما مات استحلف بدر الدين لؤلؤ العساكر لأخيه ناصر الدين محمود بن الملك القاهر عز الدين مسعود بن أرسلان شاه، وله من العمر ثلاث سنين. واستمر بدر الدين لؤلؤ فى تدبير الدولة، فتجدد طمع عز الدين زنكى بن مسعود ومظفر الدين عمّيه فى ملك الموصل لصغر سنة، فجمعا الرجال وتجهزا للحركة، وقصدا أطراف الموصل بالنهب والفساد، فخرج إليهم بدر الدين لؤلؤ بعساكر الموصل، والتقوا، فكانت الهزيمة على العسكر البدرى، وعاد إلى الموصل وتبعه مظفر الدين، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك واستقر كل واحد على ما بيده. ثم ملك عماد الدين قلعة كواشى «١» وهى من أحسن قلاع الموصل.
ثم مات ناصر الدين محمود بعد مدة يسيرة، واستقر بدر الدين لؤلؤ بملك الموصل، وتلقب بالملك الرحيم ودامت أيامه إلى أن توفى فى سنة سبع وخمسين وستماية، فكانت مدة ملكه نحو أربعين سنة، وملك بعده أولاده، فكان الذى استقل بملك الموصل من أولاده الملك الصالح ركن الدين إسمعيل، قتله التتار فى سنة تسع وخمسين وستماية، وملك ولده الملك المجاهد سيف الدين إسحاق بلاد الجزيرة؛ وملك الملك المظفر علاء الدين على سنجار. ولما استولى التتار على هذه الممالك وصل هؤلاء إلى الديار المصرية المحروسة فى أيام السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، وجهزهم صحبة فى أيام السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، وجهزهم صحبة الخليفة المستنصر بالله؛ فكان من أمره وأمرهم ما ذكرناه ونذكره