قال المنشى: وسمعت القاضى فخر الدين المذكور يقول: إن الشيخ شهاب الدين لما دخل على السلطان، وعنده من حسن الاعتقاد برفيع منزلته، وعالى قدره، وتقدمه فضلا على مشايخ عصره، ما أوجب تخصيصه بمزيد الإكرام عن سائر الرسل الواردة عليه من الديوان، فوقف قائما فى صحن الدار ثم أذن له فى الدخول.، فلما استقر المجلس بالشيخ قال: إن من سنة الداعى للدولة القاهرة أن يقدم على أداء الرسالة حديثا من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، تيمنا وتبركا، فأذن له السلطان فى ذلك، وجثا على ركبتيه أدبا عند سماع الحديث. فذكر الشيخ حديثا معناه التحذير من أذية بنى العباس، فلما فرغ من رواية الحديث قال السلطان:«أنا وإن كنت رجلا تركيا قليل المعرفة باللغة العربية، لكنى فهمت معنى ما ذكرته من الحديث، غير أننى ما أذيت أحدا من ولد العباس، ولا قصدتهم بسوء، وقد بلغنى أن فى محابس أمير المؤمنين منهم خلقا مخلدين «١» ، يتناسلون بها، ويتوالدون، فلو أعاد الشيخ الحديث بعينه على مسامع أمير المؤمنين كان أولى وأنفع وأجدى وأنجع.» فقال الشيخ: إن الخليفة اذا بويع فى مبدأ خلافته على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاده، فإن أفضى اجتهاده إلى حبس شرذمة لإصلاح أمة، لا يقدح ذلك فى طريقته المثلى. وطال الكلام «٢» ، وعاد الشيخ والوحشة قائمة على ساقها. واتفق بعد ذلك قتل الاسماعيلية