وقال سعيد بن جبير: لم تر عيناى أجلّ من فضل عقل يتردّى به الرجل إن انكسر جبره، وإن تصدّع أنعشه، وإن ذلّ أعزّه، وإن أعوج أقامه، وإن عثر اقاله، وإن افتقر أغناه، وإن عرى كساه، وإن غوى أرشده، وإن خاف أمّنه، وإن حزن أفرحه، وإن تكلّم صدقه، وإن أقام بين أظهر قوم اغتبطوا به، وإن غاب عنهم أسفوا عليه، وإن بسط يده قالوا: جواد، وإن قبضها قالوا: مقتصد، وإن أشار قالوا: عالم، وإن صام قالوا: مجتهد، وإن أفطر قالوا: معذور.
قال بعض الشعراء
يعدّ رفيع القوم من كان عاقلا ... وإن لم يكن في قومه بحسيب
وإن حلّ أرضا عاش فيها بعقله ... وما عاقل في بلدة بغريب
وقال بعض الحكماء: إذا غلب العقل الهوى، صرف المساوىء الى المحاسن، فجعل البلادة حلما، والحدّة ذكاء، والمكر فطنة، والهذر بلاغة، والعىّ صمتا، والعقوبة أدبا، والجبن حذرا، والإسراف جودا.
وقيل: لو صوّر العقل، لأضاء معه الليل، ولو صوّر الجهل، لأظلم معه النهار.
قال المتنبّى
لولا العقول لكان أدنى ضيغم ... أدنى الى شرف من الإنسان
وقد ندب الى صحبة العقلاء.
قال الزّهرىّ: اذا أنكرت عقلك، فاقدحه بعاقل. قال ابن زرارة: جالس العقلاء أعداء كانوا أم أصدقاء، فإنّ العقل يقع على العقل.
قال بعض الشعراء
عدوّك ذو العقل أبقى عليك ... وأبقى من الوامق الأحمق