الملك- وهو مستحفظها- يحذره ذلك، ويقول: إن ملكا «١» لا يحسن به أن يتحصن بقلعة ولو بنيت على قرن الفرقد أو هامة الجوزاء بل أعلا وأبعد، وحصون الملوك متون الحصن، وما للضراغم وللمدن ولو تحصنت بالقلعة لأفنت التتار أعمارهم إلى أن ينالوا الغرض.
فأمر جلال الدين بإحضار ما فى القلعة من الذهب فأحضر، وفرق أكياسه على من صحبه من خواصه، وفارق القاهرة، وجد السير إلى تخوم بست، فأعلم أن جنكزخان مقيم بالطالقان «٢» بجيوش عظيمة، فتحير فى أمره لا يدرى ما يصنع. ثم خاطر بنفسه واستمر فى السير، فبلغه أن أمين ملك وهو ابن خالة متولى هراة ومقطعها بالقرب منه، وقد أخلى هراة ومعه زهاء عشرة آلاف فارس، والأتراك الذين سلموا من النكبة، فبعث جلال الدين إليه يعلمه بقربه ويحثه على سرعة الوصول إليه، فاجتمعوا واتفقا على كبس التتار الحاصرين قلعة قندهار «٣» فنهضا إليهم وأوقعا بهم فلم يسلم من التتار إلا من وصل بخبرهم إلى جنكزخان وهم نفر يسير، فأخبروه بما تم على عسكره، فغضب لذلك. وساق جلال الدين حتى أتى غزنة وكان بها كربر ملك ينوب عنه منذ جعلها والده له كما قدمناه، وقد ضبطها. فوصل إليها جلال الدين فى سنة ثمانى عشرة