القبض عليه واستشار فى ذلك، فأشار أورخان بالقبض عليه، وأن يواليه مملكة كرمان ويستظهر بها على غيرها من الممالك. وخالفه فى هذا الرأى شمس الملك على بن أبى القاسم المعروف بخواجه جهان، وقال: هذا أول من بذل الطاعة من نواب الأطراف، وولاة البلاد، وليس كل أحد يتحقق غدره ومكيدته، فمتى عوجل نفرت القلوب واشمأزت النفوس وتبدلت الأهواء، وتغيرت النيات والآراء.
فرحل جلال الدين إلى صوب شيراز، وورد عليه الأتابك علاء الدولة صاحب يزد، مذعنا بالطاعة، وقدم له تقادم كثيرة فكتب له توقيعا بتقرير بلاده عليه. وكان الأتابك سعد صاحب فارس قد استوحش من أخيه غياث الدين لإساءة سبقت، فرغب جلال الدين فى إصلاحه لنفسه، وسير الوزير شرف الملك إليه خاطبا ابنته، فأسرع إلى الإجابة والانقياد وزوجه ابنته وحملها إليه فاستظهر جلال الدين بمصاهرته ثم تقدم من شيراز إلى أصفهان، فخرج إليه القاضى ركن الدين مسعود بن صاعد بأحسن اللقاء، قال: ولما بلغ غياث الدين توسط جلال الدين فى بلاده، ركب إليه فى جموعه فى زهاء ثلاثين ألف فارس، فرجع جلال الدين حين سمع بقربه وقد أيس مما طمحت إليه نفسه، وسير إلى غياث الدين أدك أمير أخور؛ وكان من دهاة خواصه، يقول: «إن الذى قاسيته بعد السلطان من الشدايد الفادحة، لو عرضت على الجبال لأشفقن منها واستثقلتها فأبين أن يقبلنها، وحين ضاقت على الأرض بما رحبت، وانتفضت يدى عما ورثت وكسبت، وكنت قصدتك لأستريح عندك أياما وحيث علمت أن ليس عندك للضيف إلا ظبى