فلما كان ذات يوم، قتل بعض الخوارج صاحب شرطة ابن زياد، فأمر أن يقتل من في السجن من الخوارج، وكان مرداس إذ ذاك خارجا، فقال له أهله:
اتّق الله في نفسك، فإنك مقتول إن رجعت، فقال: ما كنت لألقى الله غادرا، وهذا جبّار، ولا آمن أن يقتل السجّان، فرجع وقال للسجّان: قد بلغنى ما عزم صاحبك عليه من قتل أصحابنا، فبادرت لئلا يلحقك منه مكروه، فقال له السجّان:
خذ أىّ طريق شئت، فانج بنفسك.
خرج سليمان بن عبد الملك ومعه يزيد بن المهلّب الى بعص جبابين «١» الشام، وإذا بامرأة جالسة عند قبر تبكى، فجاء سليمان ينظر اليها، فقال لها يزيد، وقد عجب سليمان من حسنها: يا أمة الله، هل لك في أمير المؤمنين؟ فنظرت إليهما، ثم نظرت الى القبر، وقالت
فإن تسألانى عن هواى فإنه ... بحوماء هذا القبر يافتيان
وإنى لأستحييه والتّرب بيننا ... كما كنت أستحييه وهو يرانى
ومن أحسن الوفاء، ما حكى عن نائلة بنت القرافصة زوج عثمان بن عفّان رضى الله عنه: أن معاوية خطبها فردّته، وقالت: ما يعجب الرجال منّى؟ قالوا: ثنايا فكسرت ثناياها، وبعثت بها الى معاوية، فكان ذلك مما رغّب قريشا في نكاح نساء كلب. وامرأة هدبة لما قتل زوجها، قطعت أنفها وشفتيها، وكانت جميلة الوجه، لئلا يرغب فيها.
وحيث ذكرنا الوفاء والمحافظة، فلنذكر بيعة خليفة ويمين، ذكرها بعض أهل الأدب فى تصنيفه، وهى: تبايع عبد الله الإمام أمير المؤمنين، بيعة طوع وإيثار ورضا واختيار واعتقاد وإضمار وإعلان وإسرار وإخلاص من طويتك وصدق من نيتك،