وكانت عادتهم (التتار) إذا فتحوا مدينة استعانوا بأسراها على فتح غيرها، ويجعلون الأسرى أمامهم عند القتال، فيقع القتل فيهم.
فإذا فتحوا البلد قتلوهم بعد ذلك وتعوضوهم بمن أسروه من البلد الآخر. فأقاموا عليها عدة أيام وملكوها عنوة، وذلك فى رابع صفر من السنة، ووضعوا السيف فى أهلها، ونهبوا ما صلح لهم وحرقوا ما سواه. قال: واختفى بعض الناس منهم، فكانوا يأخذون الأسارى ويقولون لهم نادوا فى الدروب أن التتار قد رحلوا فينادون فيسمعهم من اختفى فيظهر فيقتلونه.
قال ابن الأثير: ولقد بلغنى أن امرأة من التتار دخلت دارا وقتلت جماعة من أهلها، وهم يظنون أنها من الرجال، فلما وضعت السلاح، رأوها امرأة، فقتلها رجل كانت أخذته أسيرا. قال: وسمعت من بعض أهلها أن رجلا من التتار دخل دربا فيه ما يزيد على مائة رجل فقتلهم واحدا واحدا، حتى أفناهم ولم يمد أحد يده إليه. وقعت الذلة على الناس، نعوذ بالله من الخذلان.
قال: ثم رحلوا نحو مدينة أربل، فكتب مظفر الدين صاحبها إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل يطلب منه نجدة من العساكر، فسير إليه جماعة، وكتب الخليفة إلى صاحبى الموصل وأربل يأمرهما بالاجتماع مع عساكره بمدينة دقوقا «١» لمنع التتار، لما بلغه أنهم عدلوا عن إربل لصعوبتها وقصدوا العراق. فسار مظفر الدين ومن معه من العسكر الموصلى فى صفر. وكتب الخليفة إلى الملك الأشرف