منها بشى فكاتبوا جنكزخان، وأعلموه بالعجز عنها لحصانتها وكثرة من بها من المقاتلة. فسار بنفسه وبجموعه، وحصرها ومعه خلق كثير من الأسرى والمسلمين، فأمرهم بمباشرة القتال وإلا قتلهم، فقاتلوا، وأقام عليها أربعة أشهر أخرى، فقتل من التتار خلق كثير. فلما رأى جنكزخان ذلك أمر أن يجمع له الأحطاب والأخشاب فجمعت، وصار يعمل صفا من خشب وحطب وفوقه من التراب ما يغطيه، حتى صار تلا عاليا يوازى القلعة، فعند ذلك اجتمع من بالقلعة وحملوا حملة رجل واحد فسلم الخيالة منهم ونجوا وسلكوا الجبال والشعاب، وقتل الرجالة، ودخل التتار القلعة وسبوا النساء والأطفال ونهبوا الأمتعة.
قال: ثم جمع جنكزخان أهل البلاد الذين أعطاهم الأمان ببلخ وغيرها، وسيرهم مع بعض أولاده إلى مدينة مرو، فوصلوا إليها وقد اجتمع بها من الأعراب والأتراك وغيرهم ممن نجا من المسلمين ما يزيد على مائتى ألف رجل، وهم معسكرون بظاهر مرو، وقد عزموا على لقاء التتار؛ فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا. ولما رأى المسلمون إقدام التتار وصبرهم، ولوا منهزمين، فقتل منهم وأسر خلق كثير، ولم يسلم منهم إلا القليل، ونهبت أموالهم. وأرسل ابن جنكزخان إلى ما حوله من البلاد، وأمرهم بجمع الرجال لحصار مرو، فاجتمعوا وتقدموا للحصار ولازموا القتال. هذا وأهل البلد قد ضعفت نفوسهم بانهزام تلك الطائفة الكبيرة. فلما كان فى اليوم الخامس من نزولهم أرسل التتار إلى أمير البلد يقولون له: «لا تهلك نفسك ومن معك، واخرج إلينا ولك الأمان، ونحن نجعلك أمير