وقتلوا وعادوا وتوجهت طائفة منهم على طريق الموصل، فوصلوا إلى قرية تسمى المؤنسة، وهى على مرحلة من نصيبين بينها وبين الموصل، فنهبوا واحتمى أهلها وغيرهم بخان فيها، فقتلوا كل من فيه ومضت طائفة منهم إلى نصيبين الروم وهى على الفرات من أعمال آمد، فنهبوا وقتلوا منها ثم عادوا إلى آمد ثم إلى بلد بدليس «١» فتحصن أهلها بالقلعة وبالجبال، فقتلوا فيها يسيرا، وأحرقوا المدينة، ثم ساروا من بدليس إلى خلاط فحصروا مدينة من أعمالها يقال لها باكرى [وهى]«٢» من أحصن البلاد، فملكوها عنوة وقتلوا كل من بها، وقصدوا مدينة أرجيش «٣» من أعمال خلاط، وهى مدينة كبيرة عظيمة ففعلوا كذلك، وذلك فى ذى الحجة سنة ثمان وعشرين وستمائة.
قال ابن الأثير فى تاريخه الكامل: لقد حكى لى عنهم حكايات يكاد سامعها يكذب بها من الخوف الذى ألقاه الله تعالى فى قلوب الناس منهم، حتى قيل إن الواحد منهم كان يعبر «٤» القرية أو الدرب وبه جمع كثير من الناس فيقتلهم واحدا بعد واحد ولا يجسر أحد يمد يده إليه. قال: ولقد بلغنى أن إنسانا منهم أخذ رجلا ولم يكن معه ما يقتله به فقال له: وضع رأسك على الأرض ولا تبرح،