واستمر الحصار على القلعة والمضايقة لها نحو شهر، فوثب جماعة ممن بالقلعة على صفى الدين بن طرزة رئيس حلب وعلى نجم الدين أحمد بن عبد العزيز ابن القاضى نجم الدين بن أبى عصرون فقتلوهما لأنهم توهموا أنهما باطنا التتار. ثم سأل من بالقلعة الأمان، فأمنوا، وتسلمها التتار فى يوم الإثنين حادى عشر ربيع الأول من السنة. وأمر هولاكو من كان بالقلعة أن يعود كل منهم إلى داره وملكه وأن لا يعارض. ونزل العوام والغرباء إلى الأماكن التى أحميت بالفرمانات. وكان بقلعة حلب فى الاعتقال جماعة من البحرية الصالحية الذين حبسهم الملك الناصر، منهم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، وسكز، وترامق، وغيرهم؛ فأخذهم وأضافهم إلى مقدم يسمى سلطان جق من أكابر القفجاق. وكان سلطان جق هذا قد هرب من التتار لما استولوا على بلاد القفجاق وقدم إلى حلب، فأكرمه الملك الناصر وأحسن إليه وأقام عنده، فلم توافقه البلاد فالتحق بهولاكو فأكرمه؛ هذا ما كان من أمر حلب.
وأما حماه فان صاحبها الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر محمود ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب كان قد فارقها وتوجه إلى دمشق، وترك بها الطواشى مرشد. فلما بلغه أخذ حلب فارق حماه، وتوجه إلى الملك المنصور بدمشق، فتوجه أكابر حماه بمفاتيحها إلى هولاكو.
وسألوه الأمان لأهل البلد، وطلبوا منه شحنة يكون عندهم؛ فامنهم وأرسل معهم شحنة من العجم اسمه خسروشاه، كان يدعى أنه من ولد خالد بن الوليد، فقدم حماه وأقام بها وآمن أهلها. وكان