وكان يتقلّدها، فشكاه أهلها فعزله عنهم [وولّاها يمن التركى]«١» . وملك حماة وحلب.
وأرسل إلى سيما الطّويل بأنطاكية يدعوه إلى طاعته ليقرّ على ولايته، فامتنع، فعاوده، فلم يطعه، فسار إليه. ودلّوه على عورة أنطاكية فنصب عليها المجانيق، وملك البلد عنوة، وقاتله سيما الطويل حتى قتل، فساء أحمد قتله لأنّه كان نصيحه قديما «٢» ؛ وكان ذلك فى المحرّم سنة خمس وستين ومائتين.
ورحل عن أنطاكيّة إلى طرسوس «٣» ، فدخلها فى جمع عظيم، وعزم على المقام بها وملازمة الغزو، فغلا السّعر وضاقت بعساكره، فركب أهلها إليه بالمخيّم وقالوا له: لقد ضيّقت علينا بلدنا وأغليت أسعارنا، فإما أقمت فى عدد يسير وإمّا رحلت عنا، وأغلظوا له فى القول وشغبوا عليه، فقال لأصحابه أن ينهزموا عن الطرسوسيّين ويرتحلوا عن البلد، ليظهر للعدوّ أنّ ابن طولون على كثرة عساكره لم يقو لأهل طرسوس، وأنّه انهزم عنهم، لتقع مهابتهم فى قلوب العدوّ.
وعاد إلى الشام، فأتاه خبر ولده العبّاس أنّه عصى عليه بمصر وأخذ الأموال وسار إلى برقة، فلم يكترث أحمد لذلك، وقضى أشغاله، وحفظ