إفريقية وأعمالها، ورحل حتّى أتى حصن لبدة «١» ، ففتحه أهله له، فقابلهم أسوأ مقابلة، ونهبهم، فمضى أهل الحصن إلى إلياس بن منصور النّفوسى، رئيس الإباضيّة هناك، فاستغاثوا به، فغضب لذلك، وسار إلى العباس ليقابله.
وكان إبراهيم بن الأغلب قد أرسل إلى عامل طرابلس جيشا «٢» وأمره بقتال العبّاس، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا حتى حجز بينهما اللّيل. فلمّا كان الغد وافاهم إلياس ابن منصور الإباضى فى اثنى عشر ألفا من الإباضيّة، فأجمع هو وعامل طرابلس على قتال العبّاس. فاقتتلوا، فقتل من أصحابه خلق كثير، وانهزم أقبح هزيمة، وكاد أن يؤسر. فخلّصه مولى من مواليه، ونهبوا سواده، وأكثر ما حمله من مصر. فعاد إلى برقة أقبح عود.
[وشاع بمصر أن العباس قد انهزم]«٣»[٨] فاغتمّ أبوه لذلك غمّا شديدا، وسيّر إليه العساكر، فقاتلهم وقاتلوه، فانهزم، وكثر القتل فى أصحابه، وأخذ أسيرا، وحمل إلى أبيه. فحبسه فى حجرة فى الدّار إلى أن قدم العسكر ببقيّة الأسرى من أصحابه. فلمّا قدموا أحضرهم أحمد عنده، والعبّاس معهم، وأمره أن يقطع أيدى أعيانهم وأرجلهم، ففعل ذلك.
فلمّا فرغ منهم وبّخه أبوه وذنّبه. وقال له: هكذا يكون الرّئيس والمقدّم! كان الأحسن أنّك ألقيت نفسك بين يدىّ وسألت الصّفح عنك وعنهم،