للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الطّرز. فلمّا بلغ الموفّق ذلك أمر بلعن أحمد بن طولون فى المنابر فى سائر الأمصار. ثم رجع الموفّق عن ذلك، وأمر كاتبه صاعد بن مخلّد وجماعة من خاصّته بمكاتبة أحمد بن طولون وتوبيخه على ما فعله، فكتبوا إليه واستمالوه، فعلم أنّ ذلك عن رأى الموفّق وإذنه لهم، فأجابهم بأحسن جواب. فعرضوا كتبه على الموفّق، فسرّه ما تضمّنته، وعلم أنّ ابن طولون إنّما فعل ذلك لمغالاته فى المناصحة هم. وكان الموفّق كامل العقل، فسكّن ذلك منه ما كان فى نفسه على أحمد، ومال قلبه إليه. وكتب الموفّق إلى أخيه المعتمد يعلمه برجوعه عن أمر أحمد وندمه على ما كان منه فى حقّه، وسأله أن يكتب إليه، فسرّ المعتمد بذلك، وكتب إلى أحمد كتابا بخطّه، وأمره بالرجوع عمّا هو عليه من أمر الموفّق، وبعث إليه كتاب الموفّق برجوعه عن لعنه، وأنفذ الكتاب مع الحسن بن عطّاف. فلمّا بلغ الرّقّة بلغه وفاة أحمد ابن طولون «١» ، فرجع إلى الحضرة.

وأما لؤلؤ فإنّه بلغه أنّ مولاه أحمد باع أولاده وخدمه بسوق الرّقيق بمصر، وقبض على أملاكه، فبلغ ذلك منه كلّ مبلغ، وتقدّم إلى الموفّق وبكى، وسأله إنفاذ الجيوش معه، وضمن له أخذ البلد من مولاه، وبسط لسانه فى سيرته، فخلع الموفّق عليه، وحمله على دابة، ووعده، وأمر بتجريد الجيوش [٩] معه، كلّ ذلك وهو يسخر به ويماطله إلى أن يعود جواب أحمد مع الحسن ابن عطّاف، فقبض حينئذ على لؤلؤ وردّه إلى مولاه، واستقبح ما فعله لؤلؤ فى حقّ سيده، فلمّا اتفق وفاة أحمد، أقام لؤلؤ فى