وكان الشيعىّ يعظّمه، فإذا دخل قام إليه، وإذا دخل هو على أبى العبّاس قبّل يده ووقف حتى يأمره بالجلوس فيجلس.
ولما وصل أبو العباس أراد أن ينفى من القيروان من خالف مذهبه، فقال له أبو عبد الله إن دولتنا دولة حجّة وبيان، وليست دولة قهر واستطالة، فاترك النّاس على مذاهبهم، فتركهم.
وأخذ أبو عبد الله فى الخروج إلى سجلماسة، فرحل إليها فى النّصف من شهر رمضان من السّنة، فى جيوش عظيمة، واستخلف على إفريقية ابا زاكى تمام ابن معارك وأخاه «١» أبا العباس.
قال: ولمّا خرج اهتز الغرب لخروجه وزالت زناتة «٢» والقبائل عن طريقه، وأوقع بقبائل عرضت له فى الطّريق حتّى إذا قرب من سجلماسة راسل أميرها اليسع بن مدرار «٣» ، وكان من أمره معه ما نذكره بعد فى أخبار المهدىّ عبيد الله إن شاء الله.
فهذه أسباب ظهور هذه الدّولة وقيامها وخبر شيعتها. فلنذكر أخبار المهدىّ وما كان من أمره. وخروجه من بلاد الشام، وما اتفق له فى مسيره إلى أن تسلم الملك من أبى عبيد الله الشيعىّ، بعد أن مهّد له القواعد وفتح