صار الأمر إليه ببلاد المغرب بعد وفاة أبيه المنصور، فى آخر شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، فدبّر الأمور وأحكمها إلى يوم الأحد السّابع من ذى الحجة من السنة، فجلس على سرير الملك، ودل عليه الخاصّة وكثير من العامّة فسلّموا عليه بالخلافة، وتلقّب بالمعزّ لدين الله. ولم يظهر على أبيه حزنا؛ وكان عمره يوم ولى أربعا وعشرين سنة. وأرسل إلى جميع من بالمهديّة من عمومته وعمومة أبيه، فأتوه وسلّموا عليه بالإمارة، فأخذ عليهم البيعة، ومشوا بين يديه رجّالة، وأرضاهم بالمصلّاة. واستقام له الأمر.
وصلّى بالنّاس عيد الأضحى، ثم صرفهم إلى المهديّة.
ودخل فى طاعته من العصاة من عصى على غيره ممّن كان بجبل أوراس من بنى كملان ومليلة، وهما من قبائل هوّارة.
ثمّ بعث القائد جوهرا فى يوم الخميس لسبع خلون من صفر، سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، فى جيش عظيم إلى المغرب، فسار حتّى بلغ البحر المحيط، فأمر أن يصاد من سمكه، وجعله فى قلّة وجعل فيها الماء، وحملها إلى المعزّ صحبة البريد؛ وجعل فى باطن كتابه من ضريع البحر.
وعاد وفتح فاس يوم الخميس لعشر بقين من شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة؛ واستخلف عليها وعلى سجلماسة وتاهرت وعاد جوهر من المغرب إلى رقّادة يوم الجمعة لاثنتى عشرة [ليلة]«١» بقيت من شعبان.
وفى سنة خمسين «٢» وثلاثمائة، فى النّصف من المحرّم، غلبت الرّوم على