للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشرع، ناهيك به من رجل ما تطهّر من جنابه، ولا أظهر مخيلة إنابه، ولا استنجى من حدث، ولا أسجى فؤاده موارى في جدث، ولا أقرّ ببارئه ومصوّره، ولافرّ عن تباريه في ميدان تهوّره، الإساءة اليه أجدى من الإحسان، والبهيمة أهدى عنده من الإنسان، نظر في تلك التعاليم، وفكّر في أجرام الأفلاك وحدود الأقاليم، ورفض كتاب الله الحكيم العليم، ونبذه وراء ظهره، ثانى عطفه، وأراد إبطال ما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، واقتصر على الهيئة، وأنكر أن يكون له عند الله تبارك وتعالى فيئة، وحكم للكواكب بالتدبير، واجترم على الله اللطيف الخبير، واجترأ عند سماع النهى والإيعاد، واستهزأ بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)

فهو يعتقد أن الزمان دور، وأن الإنسان نبات له نور، حمامة تمامه، واختلافه فطامه، قد محى الإيمان من قلبه فما له فيه رسم، ونسى الرحمن لسانه فما يمرّ له عليه اسم، وانتمت نفسه للضلال وانتسبت، ونفت يوما تجزى فيه كلّ نفس بما كسبت، فقصر عمره على طرب ولهو، واستشعر كل كبر وزهو، وهو يعكف على سماع التلاحين، ويقف عليها كلّ حين، يعلن بذلك الاعتقاد، ولا يؤمن بشىء قادنا الى الله فى أسلس مقاد، مع منشإ وخيم، ولؤم أصل وخيم «١» ، وصورة شوّهها الله وقبحها، وطلعة لو رآها كلب لنبحها، وقدارة يؤذى البلاد نفسها، ووضارة يحكى الحداد دنسها وفند لا يعمر إلا كنفه، ولدد لا يقوّم إلا الصّفاد جنفه «٢» .

وكتب أحمد بن يوسف: أما بعد فإنى لا أعرف للمعروف طريقا أوعر من طريقه إليك، لأنه يحصل منك بين حسب دنىء، ولسان بذىء، وجهل قد ملك عليك طباعك، فالمعروف لديك ضائع، والشكر عندك مهجور، وإنما غايتك في المعروف أن تحوّره، وفي وليّه أن تكفّره.