فلما قرأ منجوتكين الكتاب جمع القوّاد والأجناد وغيرهم بجامع دمشق، وعرّفهم ما جرى من كتامة، وبكى، وخرّق ثيابه؛ فأطاعه النّاس وحلفوا له على طاعة الحاكم وقتال ابن عمار. فأنفق فيهم الأموال ووثّق منهم؛ وبرز من دمشق فى ستة آلاف فارس.
فلما اتّصل ذلك بابن عمار عظم عليه وجمع وجوه كتامة وعرّفهم الحال، فقالوا:[٥١] نعرّف الناس أن منجوتكين قد عصى على الحاكم وخالف عليه، وخرج عنه، ليبالغوا فى قتاله؛ ففعل ذلك وأظهره، وفرّق الأموال فى وجوه الدّولة. ثم أحضر برجوان وشكر العضدى وقال لهما: أنا شيخ كبير وقد كثر الكلام علىّ والقول فىّ، وليس لى غرض إلّا فى حفظ الإمام الحاكم. وسألهما أن يحلفا له على المساعدة فما وسعهما إلا أن حلفا «١» له.
وندب من وقته أبا تميم سليمان بن جعفر بن فلاح وقدّمه على العسكر، وأمره بالمسير إلى الشام، فخرج فى ستة عشر ألف فارس وراجل. فسار سليمان فى ثانى صفر، ورحل منجوتكين إلى الرّملة فملكها ومعه مفرّج بن دغفل بن جراح؛ وسار سليمان حتى نزل بظاهر عسقلان.
وتقابل الجيشان بعد ثلاثة أيّام؛ وكان المصافّ فى يوم الجمعة لأربع بقين من جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فاستأمنت العرب من أصحاب دغفل وغيرهم إلى سليمان، فاستظهر، وقتل من أصحاب منجوتكين أربعة قوّاد. وانهزم منجوتكين وأحصيت القتلى من أصحابه فجاءت ألفى فارس، وامتلأت أيدى أصحاب سليمان. وبذل سليمان لمن