والمنتقم من أعداء الله. ونحن الآن نذكر أخباره وابتداء أمره، وكيف تنقّلت به الحال إلى أن كان منه ما نذكره إن شاء الله تعالى.
كان مولده بالأندلس ونشأ بها ثم خرج منها بحال سيّئة يجوب البلاد إلى أن وصل إلى القيروان، ففتح بها مكتبا يعلّم الصبيان فيه القرآن، ثم توجه منها إلى الإسكندرية ومنها إلى مصر فأقام بها وبأريافها يعلم الصبيان، ثم توجه إلى الفيّوم وعلّم بها الصبيان أيضا، وعاد إلى مصر، وخرج إلى سبك الضحاك «١» فنزل به على رجل يعرف بأبى اليمن، ثم نزل بقرنفيل «٢» وسار منها إلى البحيرة فنزل على بنى قرة. وكان الحاكم قبل ذلك فى سنة خمس وتسعين قد بعث إليهم جيشا مقدّمه أبو الفتيان التّركى وقتل الحاكم بعضهم وحرّقهم بالنّار، فوجدهم قد أجمعوا على أن يلتقوه بجموعهم ويحاربوه، ولم يعلموا من يقدّمونه عليهم، فعرّفهم أبو ركوة «٣» أنّه من بيت الخلافة، فانقادوا إليه وبايعوه بالخلافة، ونعت «٤» بأمير المؤمنين، وانضاف إليهم من لوانة ومزاتة وزناتة جمع كثير، وجاءوا إلى مكان بالقرب من برقة.
فلمّا بلغ الحاكم أمره جهز العساكر لقصده؛ فأول من خرج بها ينال الطّويل التركى فى منتصف شعبان سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، فالتقوا