أمّا وقد خيّمت وسط الغاب ... فليقسونّ على الزّمان عتابى
يترنّم الفولاذ دون مخيّمى ... وتزعزع الخرصان دون قبابى
وإذا بنيت على الثّنيّة خيمة ... شدّت إلى كسر القنا أطنابى
وهى قصيدة مطولة مدح بها آل الجرّاح. فلما سمعها حسّان هشّ لها وجدّد من القول ما طاب به قلب الوزير وسكن جأشه.
ثم حسّن ابن المغربى لبنى الجراح أنّ يخرجوا عن طاعة الحاكم، فوافقوه على ذلك، وقتلوا نارتكين أحد الأمراء الحاكميّة المقيم بالرّملة؛ ثم حسّن لهم أن يقيموا أبا الفتوح الحسن بن جعفر الحسنى خليفة، وهو أمير الحرمين يومئذ «١» ، وأن يحضروه من مكّة؛ فأجابوه إلى ذلك، وأسلوا إلى مكّة وأحضروه إليهم. فلمّا قرب أبو الفتوح من ديار بنى الجرّاح خرجوا إليه وتلقّوه، وقبّلوا الأرض بين يديه، وبايعوه بالخلافة ولقبوه الرّاشد بالله.
فحينئذ صعد أبو القاسم بن المغربى المنبر وخطب خطبة يحرّض الناس فيها على الخروج على الحاكم، فأشار إلى مصر وقرأ: طسم* تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ* نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ* إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي