للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معهم أن ينزلوا إلى مصر على هيئة المناسر «١» ، فيكبسون الحمّامات ومنازل أهل مصر؛ فكانوا يفعلون ذلك نهارا. وتكرّر ذلك منهم، فاجتمع النّاس ووقفوا للحاكم وسألوه أن يكفّ عنهم أيديهم، فما أجابهم بجواب فتزايد بهم الضّرر إلى أن بقيت الرّجّالة تكبس مساكنهم ويأخذون ما فيها، ويعرّونهم فى الطّرقات، ويفتحون دكاكين البزّازين وغيرهم، وينهبون ما فيها ويحرقون أبوابها بعد ذلك، والنّاس يستغيثون فلا يغاثون. ثم نزل بعد ذلك جمع كثير بعد أن غلّقت الدّروب، وكانت بقيت تغلق قبل الغروب، وتخلّلوا البلدان، وفتحوا ما وراء الجامع من النّحاسين والأبزاريين «٢» والسّكريّين ودار الشّمع، وغير ذلك مما يقرب من هذه الأسواق، وأخذوا ما أرادوا منها، وأفسدوا بقيّة ما فيها؛ فكانوا يخلطون العقاقير والأصناف بعضها ببعض، والمياه المختلفة بالزّيت؛ ويفسدون ما لا يمكنهم حمله. وطرحوا النّار فى أبواب القياسر «٣» المجاورة للجامع بعد ذلك، فأخذ النّاس فى الانتقال إلى القاهرة، وضجّوا بالابتهال إلى الله تعالى فى كشف ما بهم من «٤» البلاء.

قال: وكان الحاكم قبل ذلك قد ضيّق على النّصارى واليهود كما [٦٠] قدمناه، وأمرهم بالتّظاهر بالإسلام؛ فأسلم بعضهم وهرب بعضهم إلى بلاد الروم؛ وهدم جميع الكنائس. فلمّا كان فى شهر جمادى الآخرة، سنة إحدى عشرة وأربعمائة، أذن لهم بالرّجوع إلى دينهم، فارتدّوا، وأذن لهم