يوم الأضحى من سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وأقام النّاس منذ فقد الحاكم فى سابع عشر شوّال منها إلى هذا التّاريخ بغير خليفة، وستّ الملك، ابنة العزيز وأخت الحاكم، تدبّر أحوال الدّولة، وتسكّن الجيوش، وتفرّق الأموال على يد الأمير سيف الدّين الحسين بن دوّاس. ثمّ جرى بينهما وبين العساكر كلام كثير أوجب أنها أخرجت إليهم أبا هاشم هذا وقت الظّهر من يوم الأضحى، فبايعه النّاس وازدحموا عليه، فركب تحت الأرض فى السّرداب إلى قصر الذّهب، وخرج من بابه إلى باب العيد، فأجلسته وقالت: هذا خليفتكم. فلما رآه ابن دوّاس قبّل الأرض، وسلّم عليه بالخلافة، فبايعه الأمراء والأجناد، ولقّب الظّاهر لإعزاز دين الله «١» وكتبت الكتب لسائر الأعمال بأخذ البيعة؛ وجمعت ستّ الملك الأجناد وأحسنت إليهم، ورتّبت الأمور أحسن ترتيب، وعدلت عن ولىّ العهد إلياس «٢» بن داوود بن المهدىّ وجىء به فبايع والسّيف على رأسه، وحبس، وكان آخر العهد به. وكان يشار بالخلافة إلى عبد الرحيم بن إلياس ابن أحمد بن المهدىّ، فأدخل عليه الشّهود وهو يتشحّط «٣» فى دمه فأشهدهم أنه فعل ذلك بنفسه، ثم قضى نحبه. وقام ابن دوّاس بتدبير الدّولة هو والعزيز عمار بن محمد؛ وكانا لا يصدران إلّا عن رأى ستّ الملك عمة الظاهر.