تواترت «١» عليه الرّزايا وحصره ابن حمدان كما ذكرنا فلمّا قتل ابن حمدان استطال إلدكز والأتراك والوزير ابن أبى كدينة «٢» ، فضاق المستنصر ذرعا، وكاتب أمير الجيوش بدر الجمالى «٣» وحسّن له أن يكون المتولّى لأمر دولته، فأعاد الجواب واشترط أن يستخدم معه عسكرا، وألّا يبقى على أحد من عسكر مصر. فأجابه إلى ذلك. فاستخدم العساكر وركب فى البحر الملح، وكان إذ ذاك بعكّا. وسار فى مائة مركب فى أوّل كانون، وهو وقت لم تجر العادة بركوب البحر فى مثله، فوصل دمياط، وركب منها. وسار إلى أن نزل بظاهر قليوب. وأرسل إلى المستنصر بالله أن يقبض على إلدكز «٤» ، فقبض عليه، ودخل أمير الجيوش إلى القاهرة فى شهر ربيع الآخر منها، وقيل فى جمادى الأولى. فما لبث أن بعث كل أمير من أمرائه إلى قائد من قوّاد الدّولة ليلا وأمره أن يأتيه برأسه؛ فأصبح وقد أحضر إليه من رءوس قوّاد الدّولة شىء كثير. وقبض على الأتراك وقويت شوكته، وقمع كلّ مفسد، حتى لم يبق أحد منهم بمصر والقاهرة. وخلع المستنصر «٥» بالله على بدر الجمالى بالطّيلسان، وصار أمر المستخدمين فى حكمه، والدّعاة والقضاة نوّابه.
قال: ولمّا قدم مصر حضر إليه المتصدّرون بالجامع، فقرأ ابن