واعتقله، وحمله إلى الآمر؛ فأكرمه وأعاده إلى صاحبه بدمشق. واستولى مقدّم الأسطول على مدينة صور، وراسل الأمير طغزتكين بالخدمة، واعتذر إليه، فقبل عذره «١» ، ووعده المساعدة.
فلمّا سمع الفرنج بانصراف مسعود عن صور قوى طمعهم فيها، وشرعوا فى الجمع؛ واتّصل خبرهم بواليها، فعلم أنّه لا قوّة له ولا طاقة بهم، لقلّة من بها من الجند والميرة، وأرسل إلى الآمر بذلك؛ فرأى أن يردّ ولاية صور إلى طغزتكين، فأرسل إليه بذلك، فملكها ورتّب بها الجند وغيرهم.
وسار الفرنج إلى صور، ونازلوها فى شهر ربيع الأول سنة ثمانى عشرة، وضيّقوا عليها ولازموا القتال؛ فقلّت الأقوات، وسئم من بها القتال، وضعفت نفوسهم. وسار طغزتكين إلى بانياس ليقرب منهم ويذبّ عن البلد، وأرسل إلى الآمر يستنجده، فلم ينجده؛ وأشرف أهلها على الهلاك.
فحينئذ راسل طغزتكين الفرنج على أن يسلّم إليهم البلد ويمكّنوا من بها من الجند والرّعية من الخروج بما قدروا عليه من أموالهم وغيرها فاستقرّت القاعدة على ذلك، وفتحت أبواب البلد، وفارقه أهله، وحملوا ما أطاقوا وتفرّقوا فى البلاد، ولم يتعرّض الفرنج إليهم. وملك الفرنج البلد فى التّاريخ [٨١] الذى قدّمناه، ولم يبق بصور إلّا ضعيف عاجز عن الحركة «٢» .
وفى سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة ملك الفرنج حصن القدموس «٣» من المسلمين، وملكوا بانياس بمراسلة إسماعيل الإسماعيلى ورغبته فى ذلك،