السّفن إلى أن عبر دجلة، فكان ذلك سبب وصلته بالبيت الأتابكى [١٠٧] وتقدّمه.
قال: ثمّ اتفق بين أسد الدّين وبين قوارص النّصرانى، كاتب بهروز، مشاجرة فى بعض الأيام، فكلّمه النّصرانى بكلمة أمضّته، فضرب عنقه بيده، ورماه برجله «١» فلمّا اتصل الخبر ببهروز وحضر عنده من حذّره من جرأة شيركوه وتمكين نجم الدّين واستحوازه على قلوب الرّعايا خاف عاقبة ذلك، وكتب بالإنكار عليه بسبب ما كان من أخيه، وعزله. فسار نجم الدّين أيوب وشيركوه إلى عماد الدين زنكى فى الموصل، فلمّا وصلا إليه سرّ بهما وأحسن إليهما، فأقطعهما الإقطاعات الجليلة، وشهدا معه حروب الكفار وقتال الفرنج.
فلمّا ملك زنكى قلعة بعلبك، فى سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة جعل نجم الدّين دزدارا بها؛ فأقام بها إلى أن قتل عماد الدين زنكى، فى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وحاصر معين الدّين أنر، صاحب دمشق قلعة بعلبك، حتّى ضاق الأمر على نجم الدّين، فاضطر إلى تسليمها إليه، وتعوّض عنها إقطاعا وأملاكا؛ وكان عنده من الأكابر الأمراء. واتّصل أسد الدين شيركوه بخدمة الملك العادل نور الدّين محمود بن زنكى، فجعله مقدّما على عسكره، وجعل له حمص والرّحبة وغيرهما.
فلما تعلقت همّة نور الدّين بملك دمشق أمر أسد الدين بمكاتبة أخيه نجم الدّين أيوب فى ذلك، فراسله، فأعان نور الدّين على فتح دمشق؛ فعظم محلّهما عند نور الدّين. فكان نجم الدين إذا دخل عليه جلس من غير أن يؤذن له فى الجلوس، ولم تكن هذه الرّتبة لغيره من سائر الأمراء.
فلمّا كان من أمر شاور ما قدّمناه وقصد نور الدّين محمود أو استغاث به،