وأهله. وأمّا من كان قد وافقهم من أصحابه فلم يخاطبهم فى ذلك ولا أوهمهم أنّه علم به. وبلغ ذلك فرنج السّاحل فلم يتحركوا من أماكنهم، وأما فرنج صقليّة فإنهم قصدوا ثغر الإسكندريّة على ما نذكره.
وفى سنة سبعين وخمسمائة، فى أوائلها، خالف الكنز «١» ، أمير العرب، على الملك النّاصر بصعيد مصر، واجتمع معه جماعة كبيرة من رعايا البلاد والعربان والسّودان وغيرهم، وقتل أخا الأمير أبى الهيجاء السّمين، وكان قد توجّه لإقطاعه بالصّعيد. فعظم قتله على أخيه، وكان من أكابر الأمراء النّاصريّة، فسار إلى قتال الكنز. وندب معه الملك الناصر جماعة من الأمراء والعسكر، فوصلوا إلى مدينة طود، وهى على مسافة يوم من مدينة قوص إلى جهة الصّعيد، فامتنع من بها عليهم، فقاتلوهم وظفروا بهم وقتلوا كثيرا منهم، وأخربوا البلد، فهى إلى وقتنا هذا تعرف بطود الخراب، وغيطانها عامرة. ثمّ سار العسكر منها إلى الكنز، فقاتلوه، فقتل هو ومن معه من الأعراب، وأمنت البلاد واستقرّ أهلها «٢» .
وفى سنة سبع وسبعين وخمسمائة ظهر بالدّيار المصرية فأر كثير جدّا.
قال القاضى الفاضل عبد الرحيم: حدّثنى من شاهد هذا الفأر وهو يرحل من بقعة إلى أخرى فيغطّى الأرض بكمالها حتى لا يظهر منها شىء ألبتّة