بينهما اللّيل، فباتا إلى صبيحة يوم الجمعة، فتصادما بأرض قرية اللّوبيا؛ واستمرّت الحرب بينهما إلى الليل فكانت من أعظم الحروب. ثمّ باتا إلى صبيحة يوم السّبت، فالتقيا.
فلمّا عاين القومص «١» أنّ الدائرة تكون على طائفته هرب فى أوائل الأمر قبل اشتداده، وسار نحو صور، فتبعه جماعة من المسلمين، فنجا بمفرده. ثمّ انهزمت طائفة أخرى فتبعها أبطال المسلمين، فلم ينح منها واحد. واعتصمت الطّائفة الأخرى بتل حطّين، فضايقهم المسلمون وأشعلوا حولهم النّيران، فقتلهم العطش، فأسر مقدّمهم، وقتل الباقون وأسروا، وألقى الله عليهم الخذلان.
قال القاضى أبو المحاسن ابن شداد: لقد حكى لى من أثق به أنّه لقى بحوران شخصا واحدا ومعه طنب خيمة فيه نيّف وثلاثون أسيرا «٢» .
وأمّا القومص الذى هرب فإنّه وصل إلى طرابلس، وأصابه ذات الجنب، فأهلكه الله.
قال: وبات السّلطان بالمنزلة، ونزل يوم الأحد على طبريّة وتسلّم قلعتها فى بقيّة يومه، وأقام بها إلى يوم الثّلاثاء.
قال: ولمّا يسر الله هذا الفتح كتب السّلطان إلى أخيه الملك العادل سيف الدّين بمصر يبشّره به، وأمره بالمسير إلى بلاد الفرنج من جهة مصر بمن بقى عنده من العساكر، ومحاصرة ما يليه منها؛ فسارع إلى ذلك، وسار ونازل حصن مجدليابة «٣» وفتحه، وغنم ما فيه، ثم سار إلى يافا وفتحها عنوة، وقتل وسبى، وأسر وغنم ...