الحصن فى منتصف ذى القعدة سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
فالتحق من كان به بصور فقويت شوكتهم وكثروا، لأنه اجتمع عندهم شجعان الفرنج وكماتهم. وتابعوا الرّسل إلى ملوك الفرنج بالأندلس وصقليّة والجزائر يستغيثون بهم ويسألون الأمداد، فكان من أمرهم ما نذكره إن شاء الله تعالى.
قال: ثمّ سار السّلطان إلى البيت المقدّس فعيّد فيه عيد الأضحى.
ثمّ سار منه إلى عكّا وأقام بها إلى أن انسلخت السنة «١» .
وفى سنة أربع وثمانين وخمسمائة ثار بالقاهرة اثنا عشر رجلا من الشّيعة، ونادوا بشعار العلويّين، وصاحوا: يا لعلىّ «٢» وسلكوا الدّروب ينادون، ظنّا منهم أن أهل البلد يلبّون دعوتهم ويخرجون معهم، فيعيدون الدولة العبيديّة ويملكون البلد ويخرجون من بالقصر من العلويين؛ فلم يجبهم أحد من الناس.
فلمّا خاب سعيهم تفرّقوا فأخذوا. وكتب بذلك إلى السّلطان فأهمّه وأزعجه.
فقال له القاضى الفاضل عبد الرّحيم: ينبغى أن يفرح السّلطان بذلك ولا يحزن، حيث علم من بواطن رعيّته المحبّة له والنّصيحة، وترك الميل إلى عدوّه. ولو وضع السّلطان جماعة يفعلون مثل هذه الحالة ليعلم بواطن أصحابه ورعيّته وخسر الأموال «٣» الجلية لكان قليلا فسرّى عنه.