بطعامه ونثره وأقبل ينتف لحيته ويقول: إلى أين أذهب؟ فيقول الآخر الى النار، وأقبل يلتقط الطعام ويأكله ويهزأ به ويضحك، ويقول: لا أرغم الله إلا أنف اللئام.
وكان أحيحة بن الجلاح من البخلاء، وكان إذا هبت الصّبا، طلع أطمة، ينظر الى ناحية هبوبها ثم يقول: هبى هبوبك، فقد أعددت لك ثلاثمائة وستين صاعا من عجوة، أدفع الى الوليد منها، خمس نمرات، فيردّ علىّ منها ثلاثا، أى لصلابتها بعد جهد ما يلوك منها.
والعرب تضرب المثل في اللؤم بمادر، تقول: هو ألام من مادر، ويزعمون أنه بنى حوضا وسقى إبله، فلما أصدرها سلح في الحوض، لئلا يسقى غيره فيه.
وكان عمر بن يزيد الأسدىّ مبخلا جدّا، فأصابه القولنج فحقنه الطبيب بدهن كثير، فانحل ما في بطنه، فلما أبرزه، قال للغلام: ما تصنع به؟ قال أصبّه، قال:
لا ولكن ميّز الدّهن منه واستصبح به.
وقال سلم بن أبى المعافى: كان أبى متنحيا عن المدينة، وكان الى جنبه مزرعة فيها قثّاء، وكنت صبيّا فجاءنى صبيان أقران لى، فكلّمت أبى ليهب لى درهما أشترى لهم به قثّاء، فقال لى: أتعرف حال الدرهم؟ كان في حجر في جبل، فضرب بالمعاول، حتى استخرج، ثم طحن، ثم أدخل القدر وصبّ عليه الماء، وجمع بالزّئبق، ثم صفّى من رقّ، ثم أدخل النار فسبك، ثمّ أخرج فضرب، وكتب في أحد شقّيه:
لا إله إلا الله، وفي الآخر: محمد رسول الله، ثم حمل الى أمير المؤمنين، فأمر بإدخاله بيت ماله، ووكل به عوج القلانس صهب السّبال، ثم وهبه لجارية حسناء حميلة، وأنت والله أقبح من قرد، أو ززقه رجلا شجاعا وأنت والله أجبن من صرد، فهل ينبغى