وفى هذه السنة، فى شهر رجب، وضعت الساعات بالمئذنة الشمالية بجامع دمشق. وفيها حصل الشروع فى عمارة البرج الذى يقابل المدرسة القيمازيّة «١» من قلعة دمشق. وفيها حدثت زلازل ورياح شديدة ببلاد خلاط.، وخسف بمكان الملك الأوحد بن الملك العادل قد نزل به ثم رحل عنه، قبل الخسف بليلة.
وفيها كانت وفاة الأمير داود، بن الخليفة العاضد لدين الله، فى محبسه بقلعة الجبل. وكان دعاة الإسماعيلية يقولون إن العاضد نصّ عليه بالإمامة، وأنه صاحب الأمر بعده. وكان عظيما عند العامّة. فلما توفى انقطعت دعوة الإسماعيلية «٢» وزال أمرهم.
وأشهر العادل وفاته، فعظم موته على من هو يتوالى فيهم. فاستأذن الناس الملك الكامل فى النياحة عليه وندبه، فأذن لهم. فبرز النساء حاسرات، والرجال فى ثياب الصوف والشعر، وأخذوا فى ندبه والبكاء عليه. واشتهر من كان مستترا من الإسماعيلية. فلما اجتمعوا وكملوا، أرسل الملك الكامل جماعة من عسكره، فنهبوا ذلك الجمع، وقبض على المعروفين منهم، وملأ بهم الحبوس، واستصفى أموال ذوى اليسار منهم، وهرب جماعة آخرون. وزال أمر الإسماعيلية من الديار المصرية. ولم يتجاهر بعد ذلك أحد بمذهبهم.