فتوجه إلى مكة- شرفها الله تعالى، فلما قضى مناسك الحج توجه إلى بلاد اليمن. فكان وصوله إلى زبيد فى يوم السبت مستهل المحرم، سنة ثنتى عشرة وستمائة. فملكها من غير قتال، وتسلم ثمانية حصون من تهامة. وندب قطعة من العسكر لحصار تعزّ «١» - وكان سليمان قد تحصن بها- ففتح الحصن فى ثالث صفر، ودخله العسكر المسعودى، ومسك سليمان واعتقل. ثم جهزه إلى الديار المصرية هو زوجته.
وكانت صنعاء فى يد عبد الله بن حمزة- المدعى الخلافة- فجرد الملك المسعود إليه عسكرا، فوصل العسكر إلى صنعاء فى مستهل جمادى الأولى.
فهرب عبد الله لما سمع بقرب العسكر، وجعل لا يخرج من مدينة إلا بعد تخريب أسوارها، وتعفية ما يستطيع من أثرها، وهدم منار المساجد، ولحق بالجبال وتعلق بها. وملك الملك المسعود البلاد. وكان جبّارا فاتكا، فيقال إنه قتل باليمن ثمانمائة شريف، وخلقا كثيرا من الأكابر.
وفيها استولى الملك المعظّم- شرف الدين عيسى- على قلعة صرخد «٢» ، وأخذها من ابن قراجا، وعوضه عنها مالا وإقطاعا، وأعطاها لمملوكه، أستاذ داره عز الدين أيبك المعظمى. فبقيت فى يده إلى أن أخرجه منها الملك الصالح نجم الدين أيوب، فى سنة أربع وأربعين وستمائة.