وفيها توفى الأمير عماد الدين: أبو العباس أحمد، بن الأمير الكبير سيف الدين أبى الحسن على، بن أحمد، بن أبى الهيجا، بن عبد الله، بن أبى الخليل بن مورتان، الهكّارى «١» ، المعروف بابن المشطوب «٢» .
والمشطوب لقب والده، لقّب به لشطبة كانت بوجهه.
وكان أميرا كبيرا، وافر الحرمة عند الملوك، يعدّونه بينهم كواحد منهم. وكان عالى الهمة غزير الجود، واسع الكرم، شجاعا أبىّ النفس.
وكان من أمراء الدولة الصّلاحيّة. فإن والده لما توفى «٣» ، كانت نابلس إقطاعا له، أرصد منها السلطان الملك الناصر صلاح الدين الثّلث لمصالح بيت المقدس، وأقطع ولده عماد الدين هذا بقيّتها. ولم يزل قائم الجاه والحرمة نافذ الكلمة، الى أن صدر منه على ثغر دمياط ما قدمنا ذكره. وكان من خبره واعتقاله ما قدمناه. ثم كانت وفاته بحرّان. وبنت له ابنته قبّة على باب مدينة رأس عين، ونقلته من حرّان إليها، ودفنته بها.
وأما والده- رحمه الله تعالى- فكان من أكابر الأمراء الصّلاحيّة.
وكان الملك الناصر «٤» قد رتّبه بعكا، هو وبهاء الدين قراقوش الأسدى. ولما خلص منها، وصل إلى السلطان وهو بالقدس. قال ابن شدّاد: إنه دخل عليه بغتة، وعنده الملك العادل، فنهض إليه واعتنقه، وسر به سرورا عظيما. وأخلى له المكان، وتحدث معه طويلا.