فتجهز الملك الكامل وخرج لقصد دمشق. فكتب إليه الملك المعظم يقول: إننى قد نذرت لله تعالى أن كل مرحلة رحلت منها لقصدى أتصدق بألف دينار، فإن جميع عسكرك معى وكتبهم عندى، وأنا آخذك بعسكرك. هذا ما كتب له فى الباطن. وكتب إليه فى الظاهر يقول: أنا مملوكك، وما خرجت عن محبتك وطاعتك، وأنا أول من حضر لخدمتك قبل ملوك جميع الشام والشرق. فأظهر السلطان هذا الكتاب للأمراء، وعاد إلى القاهرة، وقبض على جماعة من الأمراء الذين توهّم فيهم أنهم كاتبوا الملك المعظم: من جملتهم الأمير فخر الدين الطّنبا الحبيشى «١» ، وفخر الدين الطّنبا الفيّومى أمير جاندار، وعشرة من الأمراء البحرية العادلية، وأخذ جميع أموالهم.
وفيها، فى يوم الأربعاء، سابع عشر شهر ربيع الأول، توفى القاضى ناصر الدولة أبو الحجاج يوسف، بن الأمير فخر الدين شاهان شاه، بن الأمير عز الدين أبى الفضل غسّان، بن الأمير العظم جلال الدين أبى عبد الله: محمد بن جلب راغب الآمرى «٢» ، وقد تجاوز سبعين سنة.
وهو من أولاد الأمراء المصريين، لم يزالوا أمراء من الدولة الآمريّة إلى أيام شاور الوزير، فأبادهم وقتل بعضهم. ولما جاء أسد الدين شيركوه إلى الديار المصرية تزيّا القاضى ناصر الدين بزىّ القضاة، وخدم فى الخدم الديوانية، وعند الأمراء. وناصر الدولة هذا هو جد تاج الدين محمد بن