القدس، ومدينة لدّ «١» وتبنين «٢» وأعمالها. ووقّعت الهدنة مدة عشر سنين.
وتسلم الأنبرور البيت المقدس، وهذه الأماكن. فحضر الأئمة والمؤذنون، الذين كانوا بالصخرة والمسجد الأقصى، إلى باب الدّهليز الكاملى، وأذّنوا فى غير وقت الأذان. فأمر الملك الكامل أن يؤخذ منهم ما معهم من السّتور والقناديل والآلات، وأن يتوجهوا إلى حال سبيلهم.
قال: ولما وصلت الأخبار بتسليم بيت المقدس للفرنج، عملت الأعزية فى جميع بلاد الإسلام، بسبب ذلك. وأشار الملك الناصر داود- صاحب دمشق- إلى الشيخ شمس الدين أبى المظفّر: يوسف سبط ابن الجوزى، أن يذكر ما جرى على القدس فى مجلس وعظه بجامع دمشق، ليكون ذلك زيادة فى الشناعة على عمه الملك الكامل.
فجلس ووعظ، وقال: انقطعت عن بيت المقدس وفود الزائرين! يا وحشة للمجاورين! كم كانت لهم فى تلك الأماكن ركعة! كم جرت لهم فى تلك المساكن من دمعة. بالله لو صارت عيونهم عيونا لما وفت. ولو انقطعت قلوبهم أسفا لما اشتفت. أحسن الله عزاء المسلمين. يا محلّة ملوك المسلمين. لهذه الحادثة تسكب العبرات، ولمثلها تنقطع القلوب من الزفرات، لمثلها تعظم الحسرات.