ثم قدم عليه الأمير عز الدين أيدمر المعظّمى- وكان الملك الناصر بن سيده قد أساء إليه- فأنعم عليه السلطان بعشرين ألف دينار من الخزانة، وكتب له توقيعا بعشرين أردب غلة، على الأعمال القوصيّة، وأعطاه أملاك الصاحب صفى الدين بن شكر. وكان قد عزم على العود إلى الديار المصرية، فلما جاءه الأمير عز الدين قال: قد جاءنى مفتاح الشام، وسار إلى أن وصل إلى دمشق وحاصرها. وكان نزوله عليها فى شهر ربيع الآخر.
وشدد الحصار، وضيّق على من بالبلد. فخرج إليه الملك الناصر داود سرّا، ووقف على باب الدّهليز «١» وأرسل مملوكه خلف أحد الحجّاب، فلما جاء إليه الحاجب، قال له: قل لمولانا السلطان: مملوكك داود ابن أخيك بالباب، فأعلم الحاجب السلطان فخرج إليه وتلقاه واعتنقه، فقبّل الناصر رجله وقال: يا عم قد جئتك بذنوبى وهؤلاء حرم أخيك. فبكى الملك الكامل، وقال: والله يا ولدى، لو كان وصولك إلىّ قبل إستنجادك بعمك الأشرف، وحضوره من بلاده- أبقيت دمشق عليك. ولكن إذ جاء الملك الأشرف إلى عندى، أنا أعطيك الكرك والشّوبك «٢» والساحل «٣» والغور «٤» . وإذا سيّرت إليك فلا توافق حتى يكمل لك ألف وخمسمائة فارس. عد إلى مكانك. فعاد الناصر، وهو طيب النفس.