للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما مات الملك الناصر صلاح الدين، وملك الملك العادل دمشق، سار متوجها إلى الشام. وكتب إلى الملك العادل قصيدته الرّائيّة، واستأذنه فى الدخول إلى دمشق. ووصفها وصف ما قاسى فى الغربة، ولما فرغ من وصف دمشق وأنهارها وبساتينها ومستنزهاتها، قال فى قصيدته:

فارقتها لا عن رضى، وهجرتها ... لا عن قلى، ورحلت لا متخيّرا

أسعى لرزق فى البلاد مشتّت ... ومن العجائب أن يكون مقتّرا

وأصون وجه مدائحى متقنّعا ... وأكفّ ذيل مطامعى متستّرا

جاء منها فى شكوى الغربة، وما قاساه منها:

أشكو إليك نوى، تمادى عمرها ... حتى حسبت اليوم منها أشهرا

لا عيشتى تصفو ولا رسم الهوى ... يعفو، ولا جفنى يصافحه الكرى

أضحى عن الأخوى المريع محلّا «١» ... وأبيت عن ورد النّمير «٢» منفرّا

ومن العجائب أن تفيّأ ظلّكم ... كلّ الورى، ونبذت وحدى بالعرا

فلما وقف العادل على هذه القصيدة، أذن له فى الدخول إلى دمشق، فدخلها.