ففعل الملك الصالح ذلك، وأرسل رسوله إلى الفرنج، واستحلف الملك الجواد ومقدّم الدّيويّة وأكابر الفرنج. فلما وثق الصالح بذلك، سير الأمير ركن الدين الهيجاوى. إلى غزّة بعسكر، وكتب إلى الجواد أن يرحل وينزل عند الهيجاوى، ويتفق معه على الصلح. ففعل الجواد ذلك.
ثم كتب الملك الصالح إلى الهيجاوى يأمره بالقبض على الملك الجواد، وإرساله إليه. فأخبره الهيجاوى بذلك. فاتفقا على مفارقة الملك الصالح أيوب. فتوجه الجواد إلى عكّا، والتجأ إلى الفرنج. وتوجه الركن الهيجاوى إلى دمشق، والتحق بصاحبها الملك الصالح إسماعيل وأقام عنده. ولم يخدمه، بل كان يتردد إليه فيكرمه ويستشيره فى أموره.
ثم كتب الملك الصالح إسماعيل إلى الملك الجواد يعنّفه. على لحاقه بالفرنج وطلبه إليه ثم أرسل إلى الفرنج وطلب منهم المعاضدة على صاحب مصر. ووعدهم أنه إذا ملك مصر أعطاهم البلاد الساحلية. وجميع فتوح الملك الناصر صلاح الدين يوسف. فاستشاروا الجواد فى ذلك، فكتب إليهم يحذرهم من الملك الصالح إسماعيل، وينهاهم عن موافقته. فوقع بخطه للملك الصالح إسماعيل، فقبض عليه بمنزلة العوجاء «١» ، وسيّره إلى دمشق، واعتقله بعربا. فمات فى شوال سنة إحدى وأربعين وستمائة. وطلبه الفرنج وشددوا فى طلبه، فأظهر أنه مات. وأهله يقولون إنه خنقه. والله أعلم. ولما مات دفن بقاسيون فى تربة الملك المعظم- رحمهما الله تعالى.
هذا ما كان من أمر الملك الجواد. فلنرجع إلى بقية أخبار الملك العادل صاحب مصر.