الدنيا، وصارت الأرض أشدّ نورا من ليلة التّمام. وشاهده من كان ببلبيس عابرا عليها آخذا من المشرق إلى نحو القبلة، وشاهده من كان بظاهر القاهرة، عابرا من جهة باب النّصر إلى صوب قلعة الجبل. ثم قطع البحر إلى ناحية الجزيرة، وكانت له ذؤابة طويلة خضراء، مبتورة قدر رمحين. واعتقبه رعد شديد، وتقطّع منه قطع. وأقام، من حين إدراك النّظر له حين انطفائه، بقدر ما يقرأ الانسان سورة الإخلاص ثلاثين مرة- هكذا قدّره من شاهده- على ما نقل إلينا.
وفيها فى شعبان- كانت وفاة قاضى القضاء، شمس الدين أحمد، ابن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى، الخويّى «١» الشافعى، بالمدرسة العادلية، بدمشق، ودفن بقاسيون. ومولده فى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وكان- رحمه الله تعالى- حسن الأخلاق، لطيفا كثير الإنصاف، عالما فاضلا فى علوم متعددة، عفيفا متواضعا- رحمه الله تعالى.
وكان وروده إلى دمشق، فى أيام الملك المعظم شرف الدين عيسى، ابن الملك العادل سيف الدين أبى بكر بن أيوب. وحكى أنه لما ورد إلى دمشق، كان مع فضيلته وعلومه يلعب بالقانون، ويغنّى عليه، وقد أتقن صناعته. فأنهى إلى الملك المعظم أمره، فاستحضره إلى مجلس أنسه، ولعب بين يديه بالقانون، وغنّى عليه، ونادمه فأعجبه. وأمره بملازمته فى أوقات خلواته ومجالس شرابه. هذا سبب اجتماعه بالملك المعظم.