قال أبو المظفّر: وساق صاحب حمص وعسكر دمشق، تحت أغلام الفرنج- وعلى رءوسهم الصّلبان، والأقساء «١» فى الأطلاب «٢» يصلّبون «٣» على المسلمين ويقسّسّون عليهم، وبأيديهم كئوس الخمر والهنّابات «٤» يسقونهم. وساق العسكر المصرى والخوارزمية. والتقوا بمكان يقال له أربيا «٥» - بين غزّة وعسقلان.
وكان الفرنج فى الميمنة، وعسكر الناصر داود فى الميسرة، وصاحب حمص فى القلب. وكان يوما عظيما، لم يجر فى الإسلام بالشام مثله، واقتتلوا. فانكسرت الميسرة، وهرب الوزيرى، وأسر الظّهير سنقر الحلبى وجرح فى عينه. ثم انهزم صاحب حمص. وكان العسكر المصرى قد انهزم، ووصل إلى قرب العريش. وثبت الخوارزمية والفرنج، واقتتلوا، فمالت الخوارزمية عليهم بالسيوف، يقتّلونهم كيف شاءوا.
قال أبو المظفّر: وكنت يوم ذاك بالقدس، فتوجهت فى اليوم الثانى من الكسرة إلى غزة، فوجدت الناس يعدّون القتلى بالقصب، فقالوا: إنهم يزيدون على ثلاثين ألفا.