للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان- رحمه الله- سخىّ الكفّ، طلق الوجه. وكان محبا للكتب، جمّاعا لها، جمع منها ما لم يجمعه أحد من أمثاله. واشتهر بالرغبة فيها، والمغالاة فى أثمانها، فقصده الناس بها من الآفاق. فاجتمع له منها ألوف كثيرة، بالخطوط المنسوبة، وخطوط المشايخ والمصنّفين. ولم يقع له كتاب مليح فردّه، بل يبالغ فى إرضاء صاحبه بالثّمن. فإذا ملكه استوعب قراءته، ثم جعله فى خزائنه، ثم يشحّ فى إخراجه، فلا يكاد يظهر عليه أحدا، صيانة له وضنّا به!.

قال الحافظ محبّ الدين بن النجار: كنّا عنده ليلة، فى شهر رمضان، فجرى بحث أفضى إلى اعتبار كلمة وكشفها من كتاب الصّحاح.

فقال لبعض مماليكه: إذهب إلى المؤيّد- يعنى أخاه- وأحضر من عنده نسخة من الصّحاح. قال: فقلت له: والمولى ما عنده نسخة من الصّحاح؟! فقال: وحياتك- يا محبّ- عندى خمس نسخ، وما يطيب على قلبى أن أخرج منها نسخة- لا سيما بالليل، ونحتاج إلى إدخال الضوء. وله فى شغفه بالكتب حكايات كثيرة، أضربنا عن ذكرها. وأوصى بكتبه بعد وفاته للملك الناصر: صلاح الدين يوسف، بن الملك العزيز، صاحب حلب. وكانت تساوى خمسين ألف دينار. ودفن بحلب- رحمه الله تعالى.

وفيها توفى عماد الدين، بن سديد الدين، محمد بن سليم بن حنّا- وهو أخو الصاحب بهاء الدين.