ولما كان فى يوم الأربعاء- مستهلّ السنة المباركة- تمّم الله على الإسلام بركاتها- فتحنا الخزائن، وبذلنا الأموال، وفرّقنا السّلاح، وجمعنا العربان والمطّوّعة «١» ، واجتمع خلق لا يحصيهم إلا الله تعالى، وجاءوا من كل فجّ عميق، ومن كل مكان بعيد سحيق. ولما رأى العدوّ ذلك أرسل يطلب الصلح، على ما وقع الاتفاق بينهم وبين الملك الكامل، فأبينا. ولما كان الليل، تركوا خيامهم وأموالهم وأثقالهم، وقصدوا دمياط هاربين، ونحن فى آثارهم طالبين. وما زال السيف يعمل فى أدبارهم، عامّة الليل.
وحلّ بهم الحرب والويل.
فلما أصبحنا نهار الأربعاء قتلنا منهم ثلاثين ألفا، غير من ألقى نفسه فى الّلجج. وأما الأسرى فحدّث عن البحر ولا حرج. والتجأ الإفرنسيس إلى المنية «٢» ، وطلب الأمان فأمّنّاه، وأخذناه وأكرمناه. وتسلّمنا دمياط بعون الله تعالى، وقوته وجلاله وعظمته. وذكر كلاما طويلا.