ومنهم محمد بن علىّ بن عبد الله بن عباس، ذكر الجاحظ: أنه أكل يوما جنبى بكر شواء بعد طعام كثير.
ومن المشهورين بالنهم، أحمد بن أبى خالد الأحول وزير المأمون، وكان المأمون إذا وجهه في حاجة، أمره أن يتغدى ويمضى فرفع إلى المأمون في المظالم:
إن رأى أمير المؤمنين أن يجرى على ابن أبى خالد نزلا، فإنّ فيه كلبية، إلا أن الكلب يحرس المنزل بكسرة، وابن أبى خالد يقتل المظلوم، ويعين الظالم بأكلة، فأجرى عليه المأمون في كلّ يوم ألف درهم لمائدته، وكان مع ذلك يشره الى طعام الناس. ولما انصرف دينار بن عبد الله من الجبل، قال المأمون لاحمد بن أبى خالد:
امض إلى هذا الرجل وحاسبه وتقدّم إليه يحمل ما يحصل لنا عليه وأنفذ معه خادما ينهى إليه ما يكون منه، وقال: إن أكل أحمد عند دينار عاد إلينا بما نكره، ولما اتصل خبر أحمد بدينار، قال للطباخ: إن أحمد أشره من نفخ فيه الروح، فإذا رأيته فقل له: ما الذى تأمر أن يتخذ لك؟ ففعل الطباخ، فقال أحمد: فراريح كسكرية بماء الرمان تقدّم مع خبز الماء بالسميد، ثم هات بعدها ما شئت، فابتدأ الطباخ بما أمر، وأخذ أحمد يكلّم دينارا، فقال له: يقول لك أمير المؤمنين: إن لنا قبلك ما لا قد حبسته علينا، فقال: الذى لكم ثمانية آلاف ألف، قال فاحملها، قال: نعم، وجاء الطباخ فاستأذن في نصب المائدة، فقال أحمد: عجّل بها فإنى أجوع من كلب، فقدّمت وعليها ما اقترح، وقدّم الدجاج وعشرين فروجا كسكرية فأكل أكل جائع نهم، ما ترك شيئا مما قدّم، فلما فرغ وقدّر الطباخ أنه قد شبع، لوّح بطيفورية فيها خمس سمكات شبابيط كأنها سبائك الفضة، فأنكر أحمد عليه إلا قدمها؟ وقال: هاتها، وأعاد أحمد الخطاب، فقال دينار: أليس قد عرفتك