وأغار على بلاد أنطاكية «١» ، وكان فى العسكر صاحب حمص وصاحب حماة، فأخذت الينا وأحرقت المراكب، وأخذت الحواصل، وعادت العساكر إلى القاهرة فى يوم الخميس تاسع وعشرين شهر رمضان سنة ستين وستمائة وصحبتهم ما يزيد على مائتين وخمسين أسيرا «٢» .
ثم استناب السلطان بحلب الأمير علاء الدين ايدكين البندقدار «٣» ، فتوجه إليها وأقام بها. ثم خشى عاقبة عود الأمير شمس الدين اقش البرلى، ففارق حلب وعاد وأقام بحماة واعتذر أنه إنما فارق حلب لشدة الغلاء وعدم الأقوات.
وكان الأمير شمس الدين البرلى قد أرسل إلى السلطان الأمير علم الدين جكم بكتبه يسأله الصفح، فلما فارق البندقدار حلب عاد البرلى إليها وكتب إلى السلطان يعتذر من رجوعه إلى حلب، وأنه مارجع إلا طائعا، وأن الأمير علاء الدين انفصل عن حلب اختيارا منه، ولو أقام لما قصده أحد، وتوالت كتبه بالاعتذار واستأذن فى توجهه إلى الموصل، والسلطان يغلظ له تارة ويلين أخرى.
ثم جرد السلطان عسكرا صحبه الأمير شمس الدين سنقر الأشقر نجدة لصاحب الموصل، وانفق فيهم الأموال. فلما اتصل الخبر بالأمير شمس الدين البرلى توجه إلى سنجار والنقى التتار وقاتلهم قتالا شديدا. وكان معه نحو ألف فارس وهم فى جموع كثيرة فلم تساعده المقادير، وذلك أنه سقط عن فرسه فأنكسرت رجله، فركبه أحد مماليكه وساق يوما كاملا ولم يعلم من معه أن رجله كسرت، ثم كان من أمره ما نذكره، إن شاء الله تعالى.